حدث في قناة الجزيرة
12/6/2010
حدث في قناة الجزيرة
بقلم الأستاذ : لطفي التلاتلي
عنونت صحيفة "ديلي تليغراف" البريطانية أحد مقالاتها بهذا العنوان "مقدمات برامج الجزيرة يستقلن بسبب تعليقات عن الحشمة". كما أصدر الاتحاد الدولي للصحفيين بيانا يوم الجمعة 4 جوان 2010 طالب فيه قناة الجزيرة الفضائية بتوضيح الظروف التي أدت إلى استقالة 5 صحفيات يوم 25 ماي 2010 بعد تلقيه تقارير تشير إلى تعرض الصحفيات الخمس و غيرهن لمضايقات بسبب نوعية ملابسهن التي اعتبرت قليلة الاحتشام .كما جاء في صحيفة "ديلي تليغراف" البريطانية إن أزمة شقّت فضائية الجزيرة الشهيرة بعد أن اشتكت المذيعات مما قلن إنه "تحرّش" بهن من قبل نائب رئيس هيئة تحرير الفضائية أيمن جاب الله. واتهمنه بأنه أصدر "تعليقات مسيئة" عن ملبسهن. وأشارت الصحيفة إلى أن المذيعات يأتين من مجتمعات متحررة نسبيا ولا يرتدين النقاب أو الحجاب
كما أفادت الأنباء أن المذيعات المستقيلات هن اللبنانيات جمانة نمور و لينا زهر الدين و جلنار موسى و التونسية نوفر عفلي و السورية لونا الشبل و لقد نقلت وكالة الأنباء الفرنسية فرانس برس عن إحدى المذيعات المستقيلات الخمس قولها إن الاستقالة أتت نتيجة تراكمات خمس أو ست سنوات و بسبب سياسة لا تحترم القواعد المهنية فالموظف لا يعامل حسب مؤهلاته و خبرته و لكن حسب مزاجية بعض المسؤولين . ولقد أوردت صحيفة الحياة أن الاستقالة الجماعية سببها مضايقات سببها ملاحظات و انتقادات وجهت للمذيعات في إطار تشديد إدارة الشبكة و إدارة التحرير فيها حول موضوع اللباس و الاحتشام و المظهر العام و هذه المذايقات ليست وليدة الفترة الأخيرة بل سبق لثماني مذيعات بينهن المذيعات المستقيلات الخمس أن تقدمن مطلع هذا العام بشكوى لإدارة شبكة الجزيرة احتجاجا على ملاحظات علنية حول اللِّباس و الاحتشام وجهها أحد المسؤولين في التحرير أجابت عليها إحدى المذيعات بقولها : نحن مذيعات الجزيرة محتشمات و يطلب منا أن يزيد احتشامنا و هذا يمس من كرامتنا .و لقد توصلت لجنة تحقيق حسب صحيفة الحياة إلى تبرئة هذا المسؤول من تهمة التحرش و إلى اعتبار الشكل و المظهر العام للمذيعين و المذيعات و مقدمي البرامج على الشاشة من حق شبكة الجزيرة القانوني و أن من حقها وضع شروط و ضوابط مقنِّنة للشكل بما يتناسب مع روح القناة و مبادئها و الصورة التي تود نشرها كما ذكر مصدر قريب من القناة لوكالة فرنس براس أن رئيس التحرير أصدر قرارا منذ فترة في مسألة اللِّباس و الماكياج و التسريحة و قبل إصدار القرار تم الاطلاع على المعايير المتبعة في مؤسسات إعلامية كبرى مثل بى بى سي البريطانية و سى ان ان الأمريكية و طلب منهن بعض المسائل الفنية المتعلقة بإظهار هوية القناة على الشاشة و الفكرة الأساسية هي الموازنة بين المضمون كقناة إخبارية و بين الشكل ؟ ؟ ؟
و اعتبر الاتحاد الدولي للصحفيين أن الحادث أثار مخاوف جديدة حول غياب الحرية النقابية في قطر و عدم وجود ضمانات لموظفي الجزيرة تسمح لهم بتنظيم نقابة تمثل مصالح موظفي وسائل الإعلام و المساعدة في حل النزاعات مع الإدارة فمن يشاهد و يسمع و يقرأ برامج باقة الجزيرة و تغطياتها و تعليقاتها الإخبارية و تركيزها على النشاط النقابي و الحقوقي في الدول العربية لبعض معارضي الحكومات العربية ما عدا الدول الخليجية يظن أن هذه القناة سند للتعددية و لحقوق الإنسان و للعمل النقابي و لكن هذا الخبر يزيدنا يقينا أن لهذه القناة أجندا و مخططات من بينها إذكاء نار الفتنة و الفرقة بين الدول العربية و بين مواطني الدولة الواحدة من الحساسيات المختلفة فهي دائما تركض وراء الإثارة لاعبة بعواطف المواطن العربي الذي عرف منذ القديم مع الأسف الشديد بأنه عاطفي يقدم الأحاسيس على المنطق و العقل و قد لا نكر أن قناة الجزيرة تقدم جزءا من الحقيقة و لكن لم تعودنا بتقديم كل الحقيقة وهي بذلك تبعد عن الموضوعية و النزاهة الإعلامية .
يسيطر اليوم على باقة الجزيرة مجموعة من ذوي التوجهات الإسلامية المتشدِّدين و إن لبسوا عباءات مختلفة للتخفي و المراوغة باسم الرأي و الرأي الآخر و منابر من لا منبر له . و صدق أكرم خزام الصحفي و النجم التلفزي الذي راسل مطولا لقناة الجزيرة القطرية من العاصمة الروسية موسكو عندما قال بالحرف الواحد في حوار مع جريدة الصباح التونسية : لكن يؤسفنى كإعلامي عمل طويلا في الفضائيات العربية ـ وخاصة في قناة الجزيرة ـ أن بعضها يخلط بين الخبر والموقف الشخصي.. بين نقل صورة عن الواقع حسب ما رصدته كاميرا المصور وعيون المراسل او المبعوث الخاص من جهة والمواقف الشخصية والحزبية (او التنظيمية والدينية والطائفية) لبعض الإعلاميين والمسؤولين عن القناة.. مثلما يجري في قناة الجزيرة منذ 4 أعوام.. حيث طغت النزعة السياسوية والشعبوية على العمل الصحفي المحايد والمهنية.. والتهريج الذي نلاحظه في بعض البرامج والنشرات يؤكد تراجع المستوى المهني للقناة.. لصالح التوظيف السياسي والحسابات الخاصة ببعض صناع القرار داخل القناة وخارجها... لكني اعتبر ان القناة فقدت خلال الاعوام الماضية الكثيرمن مواصفاتها المهنية.. وتاكد لدي التوظيف السياسي والتوجيه للاحداث.. والحرص على تضخيم بعض الوقائع وتجاهل اخرى.. وعلى تلميع صورة بعض الانظمة والحكومات وتقزيم اخرى.. مع الارتجال والتسرع.
و
رغم كل ما تعرضن له فإن مذيعات الجزيرة كانت رغبتهن إبقاء موضوع و
أسباب استقالاتهن ضمن الإطار التنظيمي لقناة الجزيرة وفقا للأصول وحفاظا
على صورة الجزيرة و هذا يبرز الأخلاق العالية للمذيعات رغم كل ما تعرضن له
من مضايقات و من لامبالاة بتشكياتهن المتكررة فيا ليت كانت للساهرين على
قناة الجزيرة مثل هذا الحب للمجتمعات العربية دون تمييز بين مشرق أو مغرب
فالمجتمعات العربية في حاجة اليوم كالأمس إلى إعلام مسؤول يساهم في لم
الشمل و تقريب وجهات النظر و تغليب المصالح العليا للأوطان على المصالح
الضيقة الحزبية و الأيديولوجية و الطائفية .